• Google Plus
  • Rss
  • Youtube
يونيو 29, 2020

قراءات مستقبلیة رقم (٥) ٢٠٢٠

مستقبل الحوارات والاتفاقيات: ثلاثية أربيل – بغداد – واشنطون: الفرص و المعوقات

– قراءات مستقبلية (5)

– الباحثون:د.يوسف گوران،د.ئوميد رفيق فتاح، د.عابد خالد رسول،د.هردي مهدي ميكة

– السليمانية – اقليم كوردستان 

حزيران 2020

فهرست المواضیع

 

المحور الأول: مستقبل اتفاق أربيل ـ بغداد

المحور الثاني:الحوار الاستراتيجي العراقي ـ الأميريكي

توطئة

 

تسعى الأطراف الكوردية والعراقية والأميركية منذ فترة لصياغة العلاقة بينهم وإعادە توزيع الأدوار في العراق والمنطقة، وفي هذا الإطار تجري مفاوضات ثنائية بين (أربيل ـ بغداد) و حوار بين (بغداد ـ واشنطن) في وقت متقارب، وتترك احتمالات النجاح والفشل لهذه المفاوضات والحوارات تداعيات محلية واقليمية ودولية وفي الوقت نفسه من النواحي السياسية والعسكرية والاقتصادية.

يتطلب فهم الأوضاع والأزمات التي تواجه العراق واقليم كوردستان تحليل أبعاد الاتفاق المرتقب بين أربيل ـ بغداد و الحوار الاستراتيجي الجاري بين بغداد ـ واشنطن ووضعهما تحت المجهر. ورغم ظهور الأمرين كشيئين منفصلين ومختلفين في الوقت نفسه إلا أن نتائجهما مرتبطة ببعضها، وتترك آثارا على صياغة السياسات في حكومات أربيل وبغداد وعلى الحالة المعيشية للمواطنين.

تبحث القراءة المستقبلية الخامسة أبعاد الفرص والمعوقات لكل من اتفاق أربيل ـ بغداد، وحوار بغداد ـ واشنطن الاستراتيجي.

 

المحور الأول: مستقبل اتفاق أربيل ـ بغداد

– طبيعة الخلافات بين أربيل وبغداد:

يعد حدوث الاختلافات والنزاعات بين الحكومة المركزية والأقاليم في الدول الاتحادية (الفيدرالية) أمرا طبيعيا ومتوقعا إلى حد ما، ولا سيما في الدولة العراقية التي لا تتجاوز فترة انتقالها من تجربة دولة موحدة مركزية إلى دولة فدرالية لامركزية 15 عاماً، إلا ان بقاء القضايا العالقة دون حل لأمد بعيد ومدد طويلة أمر غير مألوف وغير طبيعي، وهذه هى سمة الاختلافات بين الحكومة المركزية في العراق واقليم كوردستان منذ إقرار الدستور الاتحادي عام 2005 ولحد الآن وحول قضايا ومواضيع شتى، وفي مقدمتها قضايا النفط والغاز، وقضية المناطق المتنازع عليها، و البيشمركة ومنظومة الدفاع بين الجانبين، اضافة الى المستحقات المالية وحصة الاقليم من الموازنة الاتحادية للعراق.

وتتوفر في الدول الاتحادية آليات عديدة لفض النزاعات والاختلافات بين المركز والأقاليم، مثل التنسيق عبر المجلس الاتحادي (الغرفة الثانية للبرلمان)، تعديل الدستور الاتحادي، التحكيم واللجوء الى المحكمة الاتحادية، إجراء المحادثات وإبرام الاتفاقات السياسية، اعتماد نتائج الاستفتاءات والانتخابات، اللجوء إلى إعلان حالة الطوارئ، وأخيرا طلب الاستقلال والانفصال. ولكن من المؤسف أن هذه الآليات غائبة تماماً في خلافات بغداد وأربيل، ولم تصل جولات الحوار والتفاوض بينهما الى معالجات حاسمة بشأن أي من القضايا العالقة حتى الآن، آخرها ما يجري حاليا بين حكومة الكاظمي واقليم بشأن الرواتب وحصة اقليم كوردستان.

– محاور المحادثات الحالية بين أربيل وبغداد:

رغم قدم الملف المطروح للمحادثات الجارية حاليا بين الإقليم والمركز والمتعلق بتمويل جزء من رواتب اقليم كوردستان ضمن مجموعة أخرى من القضايا العالقة، إلا أن تطور الخلافات يرجع إلى مطلع 2020، حينما أظهرت حكومة الإقليم عدم القدرة على الالتزام بالاتفاق المبرم مع الحكومة الاتحادية والذي كان يتضمن تسليم 250 ألف برميل نفط يوميا لشركة النفط الوطنية (سومو)، مقابل صرف جزء من مستحقات موظفي اقليم كوردستان في الموازنة الاتحادية العامة، في الأثناء بررت حكومة الإقليم موقفها بالاضطرار للاستدانة جراء قطع بغداد حصتها من الموازنة بين عامي 2014 – 2018،كما عرضت سلطات الإقليم أيضاً بشكل غير رسمي ورقة تشير إلى أن بغداد مدينة للاقليم بـ نحو 400 مليار دولار، جراء النكبات التي تعرضت لها كوردستان بسبب سياسات الأنظمة العراقية السابقة التي حكمت البلد منذ 1963 لحين 2003 ومن ضمنها الضحايا البشرية والخسائر البيئية وتدمير البنية التحتية، إضافة الى تكاليف إيواء النازحين خلال أعوام 2014 ـ 2019، مع تكاليف تأمين الكهرباء لمدينة كركوك خلال 2011 ـ 2020، بجانب المبالغ المستقطعة من حصة الاقليم من الموازنة الاتحادية في الأعوام السابقة.

مقابل ذلك تقول الأطراف العراقية أن الاقليم تحصل على 12_13% من ميزانية العراق دون  أي التزام مالي تجاه المركز وتصدر حكومة الاقليم أكثر من 400 ألف برميل نفط عبر تركيا، فيما تطالب أطراف عراقية أخرى بإلزام الإقليم بدفع تكاليف الضرر الذي لحقه بالعراق جراء ذلك والمقدر بـ 128 مليار دولار وفق تحقيقات هيئة النزاهة.

المبررات التي سبقت ذكرها كانت المحرك لخلافات الأشهر الماضية ونجم عنها حرمان موظفي اقليم كوردستان اللذين لم يستلموا خلال النصف الاول من هذا العام سوى راتب شهر واحد. ولم تتخلى بغداد والاقليم عن الحوار خلال اشتداد الخلافات حتى، وأبدى رئيس الوزراء الجديد الاستعداد لحل الخلافات عبر الاتفاق وفي المقابل عبرت أربيل عن استعدادها لتسليم 250 ألف برميل من النفط نزولا عند رغبة بغداد.

الهدف من المحادثات الجديدة من المنظور الكوردي هو تثبيت حصة الإقليم في الموازنة 2020 العامة، على غرار موازنة 2019، وإلزام بغداد بدفع مستحقات جزء من موظفي الاقليم وفق اتفاق يرضي الجانبين، ولكن من منظور بغداد فإن الهدف يكمن في ارغام أربيل على تسليم النفط الذي بذمته منذ العام الفائت ولم يسلمها للمركز حتى الآن قبل التوقيع على أي اتفاق جديد، كما تشدد بغداد على إلزام الاقليم بتسليم جميع الواردات المستحصلة من بيع النفط بجانب تقسيم واردات الجمارك والمنافذ الحدودية مع الاتحاد مقابل حصص الموازنة المخصصة للاقليم مستقبلاً ضمن الميزانية العامة.

رغم أن الاتفاق الجاري بين أربيل وبغداد يمتلك فرصاً للجانبين إلا أن الأزمات الاقتصادية وتداعيات كورونا من انهيار سعر النفط في الأسواق العالمية تصعب سبل الوصول إليه على نحو يرضي الطرفين.

– فرص الاتفاق بين أربيل وبغداد:

لن تكون الأوضاع الاقتصادية مساعدة في معالجة الجروح السياسية بين الجانبين، إلا أن فرصاً تشجع الجانبين على الحوار:

تتمثل فرص حكومة الإقليم في:

  • الأزمة الاقتصادية وبطء خطوات الإصلاح، أرغما أربيل على اللجوء لمعونات مالية سريعة من أجل تجاوز الأزمة التي تركت اثاراً سياسية واجتماعية وأضعفت ثقة المواطنين بالحكومة.
  • تعثر حكومة الاقليم بسبب عدم تعاون مكونات التحالف الحكومي في تطبيق الإصلاح ودعم الحكومة مع غياب خطة إصلاح وطنية شاملة لإصلاح متفق عليها، ما يجعل موقف الحكومة في وضع يحتاج إلى دعم الحكومة الاتحادية.
  • الوضع الإقليمي؛ التهديدات التي تواجه الاقليم تدفع الحكومة في أربيل إلى الحاجة للدستور العراقي والإلتزام به ويمكن استخدام ورقة التقارب مع بغداد للوقوف بوجه التهديدات المشتركة التركية ـ الإيرانية للإقليم.
  • وضع أسس نحو الاتفاق على القضايا الاخرى العالقة بين بغداد وأربيل ولا سيما المناطق المتنازع عليها بين الجانبين.

أما فرص الحكومە العراقیە فتمثل في:

  • الصراعات السیاسیة في العراق وهيمنة الفصائل والميليشيات، وهذا تدفع الحكومة الجديدة للكاظمي للحاجة إلى دعم سياسي وأمني من حكومة الإقليم، الحكومتان بحاجة الى التضامن لمواجهة الفساد والإهتمام بالأولويات.
  • الأوضاع الاقليمية والدولية والتهديدات التي تواجه الحكومة العراقية ولا سيما من قبل إيران وتركيا تدفع الجانبان للعمل معاً بأجندة واحدة لمواجهة المخاطر المشتركة.
  • ملف الإرهاب وظهور المخاطر الأمنية في المناطق المتنازع عليها، إذ تعرف بغداد بشكل جيد أن السيطرة على تلك المناطق غير سهلة وتتطلب تنسيقاً مشتركاً.
  • مواكبة الكاظمي للموجة المضادة للإقليم داخل وخارج العراق من أجل إضعاف اقليم كوردستان وتحجيم موقعه الاستراتيجي في المنطقة والعراق.

– معوقات اتفاق أربيل – بغداد:

تتمثل المعوقات على مستوى العراق في: وباء كورونا، الوضع الأمني في العراق، التدخلات الاقليمية والدولية وعلى رأسها تدخلات إيران وأميركا، الصراعات الداخلية العنيفة، الفساد، فشل الإدارة وقلة الخدمات. هذه الحزم من المشاكل التي تواجه بغداد حالياً ولا تتطلب حل كل منها الوقت فقط بل التوافق والإصلاح الجذري الخارج عن قدرة الكابينة الحالية وأجندة الأحزاب الممثلة فيها.

أولوية حكومة بغداد في الوقت الحالي تتمثل، قبل المشاكل الأمنية والسيادية، مواجهة تداعيات الأزمات الاقتصادية العميقة، العجز الاقتصادي الذي يظهر عجز الحكومة وتقلص أفق المناورة أمام بغداد قياساً بالسابق. وكانت الأجندات السياسية وصراعات السلطة تقف خلف المشاكل السابقة للوصول إلى حلول مستدامة في السابق، واذا استخدمت بغداد قطع مستحقات الاقليم المالية في سبيل فرض سيطرتها وتقليل نفوذ أربيل وكذلك مساحات تحركه عبر تكبيل يدها اقتصادياً، إلا أن هذه المرة يقف العجز الاقتصادي وراء عدم تجاوبه مع الاقليم والتلكؤ في مساعدته.

وبالنظر للعجز في العراق خلال السنوات الأخيرة تظهر الصور التالية:

مشاكل العراق تعود للأزمة المالية لعامي 2014 _ 2017 بسبب انخفاض سعر النفط، واضطرت بغداد لاستدانة 35 ترليون دينار محلي و 12 ترليون. كما يشكل اللجوء إلى الاحتياط النقدي مشكلة أخرى للعراق إذ سحبت الحكومة أكثر من 30 مليار دولار للحفاظ على التوازن.

وتجلت بدایات الأزمة الاقتصادية بقوة في العراق عام 2017، حيث انتهت الحرب ضد داعش وكلفت الخسائر بـ 88 مليار دولار، وتفجأت الحكومة العراقية بدمار هائل للمدن المحررة وطالب المجتمع الدولي من جانبه بإنعاش اقتصاد العراق من ثلاثة أوجه؛ المنح المالية، الدعم المادي، وجلب الاستثمارات، وفشل مؤتمر الكويت في استحصال ثلث المنح والمبالغ المقررة المقدرة بـ 100 مليار دولار.

كما تشكل الأعداد الهائلة للموظفين مشكلة جدية للحكومة إذ تشير الاحصاءات حتى 2016 أن 9 ملايين و 400 ألف شخص يتقاضون رواتب ومنح من الخزينة العامة إضافة الى التعيينات الجديدة، وتخالف هذه الأرقام المعايير وتعد عالية قياسا بعدد سكان العراق وتشكل منح الرواتب أعباء على الخزينة العامة.

وبشان العجز في 2020 فإن البنك الدولي توقع انكماش الاقتصاد بنسبة عالية (29%)، وتشير التقارير الاقتصادية إلى أن العجز في 2020 يبلغ 48 مليار دولار مقارنة بـ 23 مليار دولار في 2019.

اضافة الى ذلك فإن الفساد، مصاريف العسكرة، والهدر في النفط، عدم السيطرة على نقاط الجمارك، وسيطرة الميليشيات، كبلت ايدي الحكومة العراقية وفي ظل غياب إصلاح شامل وحكومي فإن الأمر لايعدو أن يكون مسكناً وتغطية على الأزمة.

ويظهر من هذا أن العائق أمام الوصول إلى الحل يكمن في المتاعب الاقتصادية خلافا للسنوات السابقة ولاتساعد هذه الأوضاع في العراق تخفيف الاحتقان والخلافات بين أربيل وبغداد.

أما المعوقات على مستوى إقليم كوردستان فتتمثل في؛ الصراع بين الأحزاب الكوردية، وغياب التوافق بشأن حل القضايا، وكذلك الخلاف بن الأجنحة في داخل الاحزاب نفسها، اضافة إلى الديون والالتزامات المالية للاقليم تجاه الشركات الأجنبية وغياب الشفافية حول ايرادات الاقليم، بجانب غياب الثقة بين بغداد وأربيل والتعنت في حل القضايا الدستورية.

سيناريوهات مستقبل اتفاق اربيل – بغداد:

يمكن توقع ثلاثة سيناريوهات بشأن مستقبل الإتفاق وهي:

  • بقاء الخلافات بينهما على حالها، رغم استمرار المحادثات بين الفينة والأخرى، مع عدم التوصل إلى حلول شاملة وحاسمة. وفي هذا الحال يتخلى كل من الطرفان عن الآخر كلما سنحت الفرصة له، ولا سيما في ظل وجود قناعة كوردية تنظر لبغداد كفرصة براغماتية ومرحلية وليس هدفا استراتيجياً.
  • نجاح المحادثات الحالية والوصول إلى اتفاق حاسم، ولا سيما في ظل الفرص المتاحة المذكورة سابقاً، شريطة توافر إرادة حقيقية من قبل الجانبين، والنظر إلى بعضهما كشركاء دائمين ضمن عراق فيدرالي يشكل السبيل الوحيد للتعايش بينهما مستقبلاً.
  • فشل الاتفاقات وتعميق الخلافات بينهما أكثر من السابق، في ظل المعوقات الذاتية لدى الجانبين والمذكورة سابقاً، ولا سيما إذا دفعت الأزمة الاقتصادية الاقليم الى العجز عن الالتزام بشروط الاتفاق، مع استمرار الأزمة في العراق وعدم الاندفاع الى دعم الاقليم مالياً من أجل توفير تلك الدعم للنفقات الاتحادية.


 

المحور الثاني: الحوار الاستراتيجي العراقي – الأميركي

 

– طبيعة العلاقات العراقية – الأميركية: 

شهدت العلاقات العراقية – الأميركية تجاذبات بسبب عوامل عديدة، وهي تستند بالأساس إلى اتفاقيتين احداها استراتيجية والأخرى أمنية، الأولى تعرف بـ”صوفا” وتختص بتنظيم الإنسحاب الأميركي من العراق في 2011 والثانية إطار استراتيجي صيغت على ضوء المذكرات المقدمة لمجلس الأمن في 25 حزيران 2014، اضافة الى مذكرة أخرى في 20 أيلول 2014. وبعد مقتل قاسم سليماني في بغداد أطلق الجانبان حواراً في الـ 11 حزيران 2020 لتحديد إطار واضح وقانوني من أجل التوصل لاتفاق متعدد الأبعاد يتضمن عدداً من الملفات، الا ان الأمن يحتل أولوية بارزة في الحوار وأجندتها.

– محاور الحوار الاستراتيجي العراقي – الأميركي:

يتضمن الحوار أربعة محاور وفق الإعلان الأولي لوفد الجانبين:

المحور السياسي: يتضمن دعم الحكومة الجديدة والإصلاح السياسي واحترام سيادة العراق.

محور الأمن: محور رئيسي في الحوار ويهدف الوصول إلى اتفاق شامل على محور الأمن بعد التجاذبات التي شهدتها العلاقات الثنائية بسبب أذرع الحشد الشعبي وكذلك استهداف قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس، إذ ارتفع عدد القوات الأميركية الى 5600 جندي، وسلمت الولايات المتحدة أربع قواعد للقوات العراقية، بسبب مخاطر الهجوم العسكري وحماية قواتها من الهجمات، ومن أجل تدريب القوات العراقية على كيفية حماية نفسها من هجمات داعش بعد ظهور التنظيم في مناطق متفرقة من العراق. ويتضمن الحوار محور حصر السلاح بيد الدولة وتنظيم الميليشيات ضمن اطار المنظومة الأمنية للعراق ووضع خطة لبقاء القوات الأميركية في القواعد العسكرية.

محور الاقتصاد والطاقة: هذا المحور يتضمن الأزمة المالية التي يمر بها العراق حالياً، ولا سیما بعد إنهيار سعر النفط في الأسواق العالمية بسبب انتشار كوفيد 19، إضافة لمواضيع الإصلاح الاقتصادي وعدم اعتماد العراق على منفذ اقتصادي واحد وانفتاحه على دول أخرى، خاصة في مجالات تفعيل علاقاته الاقتصادية وانفتاحه على الدول الأخرى وبالتحدید تفعیل العلاقات الافتصادیة مع السعودية في مجالات الطاقة.

المحور الثقافي: يتضمن تنمية القدرات العراقية الجامعية وإعادة الأرشيف السياسي لحزب البعث والقطع الأثرية المهربة بعد الاحتلال الأميركي للعراق في 2003.

– أهداف الحوار العراقي – الأميركي:

الهدف الرئيسي من الحوار هو التوصل لاتفاق شامل من أجل إرساء التزام ثابت للطرفين وبحث المحاور بشكل واضح لالبس فيه، ولكل من الجانبين أهداف خاصة أيضاً نرصدها كالآتي:

أولاً الأهداف السياسية: بناء حكومة عراقية قوية ذات سيادة يشكل هدفاً مشتركاً، ويشكل هذا الأمر أولوية بارزة لدى العراق في الوقت الحالي بعد تحوله لساحة تصفية للصراعات الإقليمية والدولية، ويمكن أن يشكل هذا الاتفاق مدخلا لطلب اتفاق مماثل من الجانب التركي والإيراني من أجل وضع حد لتدخلاتهم في الشؤون  العراقية، ويسعى الجانب الأميركي لإبعاد التدخلات الصينية والروسية من أجل ابعاد إيران من الملف العراقي أكثر فأكثر وتهتم الحكومة العراقية والإدارة الأميركية بدفع العراق نحو انتخابات نزيهة بعيداً عن التدخلات الخارجية.

ثانيا: الأهداف الأمنية والعسكرية: يحتل الموقع الجيوبوليتيكي للعراق مكانة بارزة في المنطقة خاصة لدول إيران والسعودية واسرائيل وتركيا، ويمكن أن يشكل العراق خطراً على هذه الدول ومصالحها مستقبلاً، لذا فإن الجانبان يهتمان بعقد اتفاق مفصلي في المجالات العسكرية والأمنية، الأميركيون لا يمانعون في خفض عدد قواتهم وتقليل المواقع العسكرية إلى نحو 4-5 قاعدة عسكرية، وفق اتفاق يتوصلان إليه ولحين أن يستطيع العراق حماية نفسه، لأن واشنطن لا تسمح بتعريض مصالحها في العراق للخطر مثلما حدث في 2014 بسبب داعش، وتدرك الولايات المتحدة الأميركية أن العقوبات ضد إيران لم تكن فعالة في التأثير على القوى العراقية المدعومة إيرانياً، لذلک تلجأ إلى الأطر الرسمية العراقية من أجل تحجيم دورهم ضمن منظومة الدفاع العراقية الرسمية. ویشکل بناء نظام مضاد للصواريخ هدف مشترك بين الجانبين ويدفعهما للتوصل إلى اتفاق، ومن الواضح أن أميركا قلقة من تفكير العراق في الحصول على بديل للنظام الأميركي للصواريخ المضادة، كما تسعى واشنطن لإلزام العراق بحفظ قواعدها العسكرية، وتمر العلاقات الأميركية التركية بصعوبات وتسعى واشنطن لتثبيت موقعه في سوريا في الوقت نفسه.

ثالثاً: الهدف الاقتصادي ومجالاات الطاقة: يسعى العراق أن ينأى بنفسه من خلال هذا الاتفاق من العقوبات الأميركية، لأن العراق يعاني من أزمات عديدة وليس بإمكانه مواجهة تلك الأزمات مع حصار مفروض أميركيا وعلى العكس هو يطمح للحصول على معونات أميركية على غرار 2014 إذ حصلت بغداد على 6.5 مليار دولار عبر الكونغرس الأميركي لبرامج التسليح وإعمار المدن المدمرة وإعادة النازحين وتطهير المناطق الملغمة، كما يسعى العراق لإعادة 35 مليار دولار مودعة في البنك الفيدرالي الأميركي عبر هذا الاتفاق ولا سيما في ظل الأزمات الاقتصادية التي يعاني منها حاليا بسبب تداعيات كورونا. ويمكن أن يضمن هذا الاتفاق الحصول على الطاقة الكهربائية والغاز من الخليج بعد أن ضمن العراق الحصول على الطاقة الإيرانية لمدة عام بعد مباشرة الكاظمي بأعماله، كما يمكن أن يتيح الاتفاق الجديد فرص عمل للشركات الأميركية في مجالات الطاقة والتكنولوجيا وسحب البساط من الهيمنة الإيرانية على الأسواق العراقية التي تمثل متنفساً كبيرا للاقتصاد الإيراني ومجالا لتحركها نحو سوريا.

رابعاً: الهدف الثقافي: تستطيع الولايات المتحدة الأميركية فتح باب كبير للانتعاش لقطاعات التربية والتعليم في العراق وربط الأوساط العراقية بمثيلاتها الأميركية. ويشكل الاتفاق هدفا كبيراً لحكومة الكاظمي من أجل اعادة الأرشيف العراقي السياسي والقطع الأثرية المهربة منذ 17 عاماً، ويشكل هذا فرصة لأميركا أن تثبت أنها لم تكن قوة احتلال وسلب ونهب للعراق.

الكورد والاتفاقية الاستراتيجية العراقية ـ الأميركية:

على الرغم من ارتباط الاتفاقية بالحكومة الاتحادية كدولة مع أميركا، إلا أن لها علاقة باقليم كوردستان ككيان دستوري و سياسي بسبب انتشار القوات الأميركية في أراضي الاقليم أيضا.

غاب الاقليم عن اتفاق الإطار الاستراتيجي 2008 بين العراق وأميركا، وكان هذا الغياب له علاقة على الأرجح بوجود الرئيس الراحل جلال طالباني على سدة الرئاسة وكان هوشيار زيباري يقود الوفد العراقي كوزير للخارجية ما دفع الكورد لعدم الشعور بالخطر، لكن الأحداث التي تلت الإنسحاب الأميركي في 2011 من تمدد داعش وهجوم القوات العراقية على مناطق في كركوك ولدت مخاوف لدى الاقليم ويريد الاقليم أن يتأكد أنه مشمول باعادة تقوية هيبة الدولة العراقية مجددا ويستفيد من الفرص المتاحة في الاتفاقية.

يختلف موقع الاقليم الحالي عن موقعه في 2008 وتشهد أوضاعه المختلفة تراجعاً بسبب الانقسامات الداخلية والتدخلات الخارجية لتركيا وإيران وهذه التطورات أضعفت موقع الاقليم أمام بغداد. من جانب اخر تقضي الخطة الأميركية بدعم حكومة الكاظمي بدعم من الكورد أيضاً مع اقتراب الانتخابات الأميركية الرئاسية وتسعى البيت الأبيض أن تتوصل لاتفاق من أجل الترويج للإدارة الحالية وأجندتها.

وينبغي على الإقليم أن تتأكد من تحيقق الاهداف الآتية في الاتفاقية:

أولاً: التأكد من استفادة الاقليم من الاتفاقية وفق نسبته وحصته من المعونات، الاستثمارات واعادة التأهيل، والتريبات التي تستثمر من الاتفاقية.

ثانياً: مواجهة الضغوطات الخارجية ومن دول الجوار وتدخلاتها على اراضي الاقليم.

ثالثاً: فتح العرق واسواق العراق أمام منتجات الإقليم، سواء على مستوى التجارة الداخلية مع الاقليم او على مستوى الاسواق الدولية.

رابعاً: وضع إطار قانوني للمساعدات والمعونات المقدمة لقوات البيشمركة كجزء من المنظومة الأمنية العراقية.

– سيناريوهات الحوار العراقي – الأميركي: 

أولاً: الاحتمال المرجح هو التوصل لاتفاق شامل لأن المنح الأميركية للعراق وعدم التوازن في عملية التفاوض والمكاسب تمثل فرصا كبيرة أمام العراق مقارنة باضرار ذلك الاتفاق، الذي يقرأ منه هيمنة شماملة لأمريكا على العرق وتقطع أيدي الدول المجاورة في العراق أيضا.

ثانياً: البقاء في الوضع الضبابي والعالق لأية أسباب أخرى تمثل الأولوية لدى كلا الجانبين وفي مقدمتها ملف كوفيد 19 الذي ازاح ملف الاتفاقية من الصدارة، والأولية للعراق هو إنقاذ اقتصاده والبنية التحتية للقطاع الصحي، وتمثل الانتخابات الرئاسية الاولوية لأمريكا.

ثالثا: من غير المحتمل أن يكون الدور الكوردي قوياً في الاتفاقية، بسبب ضعف موقعه بسبب الاوضاع الاقتصادية والصحية السيئة التي يواجهها. إلا أن الاتفاق مع أمريكا يشكل نقطة إيجابية لصالح الكورد، في سبيل الحفاظ على مكتسباته والاستفادة من النواتج الاقتصادية والسياسية والامنية التي قد تتمخض عن ذلك الاتفاق.

 

ڕانانى-ئایندەیی-ژمارە-5- 2020کوردى

قراءات-مستقبلية-رقم -5- 2020 عربى

Send this to a friend