• Google Plus
  • Rss
  • Youtube
يوليو 30, 2020

قراءات مستقبلیة رقم (٦) ٢٠٢٠

اثر الاستقطابات الاقليمية على العراق و اقليم كوردستان؛التدخلات التركية، الاتفاق الصيني الايراني

– قراءات مستقبلية (6)

– الباحثون:د.يوسف گوران،د.ئوميد رفيق فتاح، د.عابد خالد رسول،د.هردي مهدي ميكة

– السليمانية – اقليم كوردستان 

تموز 2020

فهرست المواضیع

 

المحور الأول: اقليم كوردستانوحرب تركيا ضد حزب العمال الكوردستاني.

المحور الثاني: العراق واقليم كوردستان في مسودة اتفاقية الـ25 عاماً بين إيران والصين.

توطئة

 

 

يواجه إقليم كوردستان والعراق، تداعيات الصراعات الاقليمية بجانب الأزمات والمشاكل الداخلية والخارجية، خصوصاً في خضم إعادة ترسيم سيطرة قطبي تركيا ـ إيران في المنطقة، وتركت هذه الصراعات آثاراً على المستويات السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية من شأنها أن تنال من مكانة اقليم كوردستان وتلقي بظلالها على أوضاع العراق أيضا.

القراءة المستقبلية السادسة، أخذا في الحسبان هذا الاستقطاب الإقليمي الجديد، تبحث الحرب التركية ضد حزب العمال الكوردستانى من جانب، واتفاقية الـ(25 عاماً) بين إيران والصين من جانب آخر، مع دراسة تداعيات القضيتين على العراق وإقليم كوردستان.

المحور الأول: اقليم كوردستان وحرب تركيا ضد حزب العمال الكوردستاني

 

 

يُعد الهجوم الجوي الجديد لتركيا والوحدات الخاصة لجيشها ضد حزب العمال الكوردستاني في هذا العام (حزيران 2020) مرحلة جديدة ومختلفة في الحرب الدائرة بين الجانبين منذ 38 عاماً حينما قرر الحزب اتخاذ اقليم كوردستان مأوى لنشاطاته في الحرب ضد تركيا.

رغم ظهور الحرب في الظاهر كصراع داخلي تركي بين طرفين متخاصمين منذ فترة بعيدة، إلا أن جعل اقليم كردستان كحقل ميداني للحرب وتوسيع الهجمات، مع وجود صراع إقليمي ودولي في المنطقة، بات يهدد أمن اقليم كوردستان الذي شكل منطقة آمنة في العراق لسنوات طويلة.

– الإقليم وتاريخ الصراع بين تركيا وحزب العمال الكوردستاني:

بعد انقلاب 1980 منعت أنقرة جميع الاحزاب السياسية، ومجمل الأنشطة السياسية والمدنية وحتى الإنسانية، وفي مقدمتها الاحزاب والمنظمات والشخصيات الكوردية والماركسية، ولجأت غالبية تلك القوى الى خارج تركيا، من ضمنها حزب العمال الكوردستاني (PKK)، وعلى الرغم من وجود حوارات وكذلك خلافات مابين الاحزاب الكوردية والماركسية بصدد الاستمرار على النشاط المدني والسياسي فقط أو انطلاق الكفاح المسلح ايضا ضد الدولة سواء أكانت في الداخل أم الخارج، إلا أن حزب العمال كان يصر على أهمية إنشاء موطيء قدم خارجي له لتقوية النضال الداخلي في حين جادل الماركسيون الأتراك حول أولوية العمل السياسي بعد الحظر، ومد حزب العمال قواعده إلى كل من سوريا ولبنان.

أضعفت الحرب العراقية الإيرانية (1980) موقف وقبضة بغداد في المناطق الجبلية البعيدة والنائية مع تركيا وإيران، وتحولت تلك الجيوب والجبال لقاعدة عمل للأحزاب الكوردية العراقية والإيرانية ومن ثمة التركية. وهكذا قرر حزب العمال في عام 1982 إنشاء قواعد عسكرية في الحدود الجبلية لتركيا وأنشأ أول قاعدة عسكرية له في المثلث الحدودي بين العراق-إيران-تركيا. ومع أن حزب العمال لم يدخل في الصدام المسلح مع تركيا الا بعد سنتين من ذلك، الا ان تركيا بعد إبرامها اتفاقية أمنية مع العراق في عام 1983، بادرت بالهجوم على معاقل الحزب ومقراته، وكان أول هجوم لها ضد حزب العمل داخل الأراضي الكوردية التابعة للعراق في عام 1984، وبذلك أصبح إقليم كوردستان ساحة صدام رئيسية بين الجانبين من ذلك الحين.

وبعد الانتفاضة الشعبية عام 1991 تشكلت إدارة ذاتية كوردية في اقليم كوردستان، وتسببت تصدام القوى الكوردية المعارضة مع تركيا (حزب العمال) وإيران (كومەلە والحزب الدیمقراطي) بخلق مشاكل لهذه الإدارة الكوردية الفتية في وقت كانت تتمتع بعلاقات قوية مع قادة الدولتين الجارتين وفق التزامات فرضها الأمر الواقع والظروف الدولية ايضا، ودفع هذا الواقع قيادات إقليم كوردستان للطلب من الأحزاب الكوردية المعارضة بالانسحاب من الحدود الدولية إلى معسكرات داخل الاقليم بعيداً عن تركيا وإيران، فاستجابت الأحزاب الكوردية الإيرانية للطلب، في حين رفضه حزب العمال الكوردستاني، وأدى هذا الرفض إلى اندلاع المعارك بين حزب العمال وقوات اقليم كوردستان في خريف 1992، والتي تمخضت عنها انسحاب قوات كثيرة لحزب العمال من تركيا وإتخاذ (قنديل) معقلا رئيسيا له داخل حدود اقليم كوردستان. وقد بدء أول حوار حقيقي بين حزب العمال وتركيا بسعي من الرئيس العراقي الأسبق جلال الطالباني، إلا أنه بوفاة الرئيس التركي الاسبق تورغوت أوزال في ربيع 1993 لم يبق اي أمل في الوصول الى اتفاق، وتحولت كوردستان العراق مجددا الى ساحة رئيسية للحرب.

على الرغم من أن اعتقال زعيم حزب العمال الكوردستاني عبدالله أوج آلان في عام 1999 قد جلب معه ايقاف الحرب لمدة 15 سنة من طرف واحد، إلا انه بعد عام 2015 بدءت مرحلة جديدة من الحرب والهجمات داخل اقليم كوردستان أكثر شراسة وعنفا مقارنة بالحروب التي اندلعت بينهما في  الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي.

– 2015 – 2020؛ مرحلة جديدة من حرب قديمة:

بعد 15 عاماً من الحوار السري بين تركيا وحزب العمال اندلعت المعارك مجدداً في 2015 بصورة أشد ضراوة وقساوة من المراحل السابقة.

الهدنة الطويلة أتاحت الفرصة لحزب العمال لسحب قواتها إلى الخارج، وفقد الحزب مواقعه غير الرسمية على تخوم ايران – تركيا – أرمينيا لأسباب مختلفة، وابتعد قادة الحزب عن العمل إما لتقدم سنهم أم  لأسباب أخرى، وافتقار الكوادر الجديدة للخبرة العسكرية بسبب غياب المعارك وعدم مشاركتهم في أي منها.

وفيما يتعلق بتركيا، فقد شهدت قدراتها العسكرية والتسليحية تطوراً كبيراً خلال سنوات الهدنة، ولاسيما في مجالات تحديد الأهداف العسكرية لمقاتلي حزب العمال، وتركت صناعة الطائرات بدون طيار (AUV) أثرا واضحاً على المعارك واستُخدمت أنواع منها (Bayrakter~TB2) في المعارك أول مرة عام 2016، في منطقة هكاري وكان لها أثر سلبي كبير على قدرة حزب العمال لنقل الحرب الى عمق الاراضي التركية، وتشير مصادر إلى مقتل نحو 400 من عناصر حزب العمال (الگریلا) بواسطة هذه الطائرات.

ومن جانب آخر فإن تركيا في فترة أردوغان غيرت عقيدتها العسكرية عن العقيدة التي كانت سائدة في الفترات السابقة والتي كانت تؤكد على عدم التدخل في خارج حدودها، وبات إرسال القوات إلى الخارج (مثلا في: سوريا والصومال وإقليم كوردستان وليبيا) يعد جزءا من العقيدة الاستراتيجية الجديدة، وبناءً على هذه الاستراتيجية، لم يشكل التوغل في كوردستان العراق أي قلق لدى سلطات تركيا.

وأدت الطائرات من نوع TB2 دوراً كبيراً في معارك تركيا خارج الحدود ولا سيما في عفرين ورأس العين وإدلب، وخصصت السلطات العسكرية التركية أربعة مطارات عسكرية في مناطقها الكوردية (باتمان شرناخ وان هكاري) للطائرات التي تنطلق للعملية العسكرية الجارية في إقليم كوردستان.

– هجوم حزيران 2020:

توغلت قوة عسكرية تركية، بهجمات جوية مكثفة واستخدام وحدات عسكرية من المشاة، منذ حزيران هذا العام داخل أراضي إقليم كوردستان، ورغم الانتشار العسكري التركي في دهوك والموصل بشكل غير رسمي منذ سنوات، إلا أن الهجوم الحالي يوشي بتغيير كبير في الأهداف ويمكن أن تكون تشكيل حزاماً امنيا تسعى تركيا لإنشائه منذ سنوات في المناطق الحدودية على غرار الشمال السوري (روج افا)، ويوحي عمق التوغل الحالي بوجود موافقة ضمنية عراقية على الخطوة وفي المحصلة تسعى تركيا للظهور بمظهر القوي وضمن صفوف الكبار في المنطقة بعد التقدم الذي أحرزه في سوريا وليبيا.

اتخذ الهجوم التركي المثلث الحدودي العراق ـ سوريا ـ تركيا ساحة لعملياتها، وصولاً إلى المثلث الحدودي إيران – تركيا – العراق، ضمن مساحة  تبلغ 300 كم جبلياً عرفت سابقا بخط بروكسل. والهدف المعلن من العملية تتركز في ضرب قدرات وقواعد حزب العمال، إلا أن التمدد ونقل المعركة من الداخل ليس ببعيد من الأجندة التركية، ومن غير المستعبد أن تتجه تركيا لجبال قنديل حال انتصارها في تحقيق هدفه المنشود في إنشاء الحزام، وفي هذه الحالة يواجه اقليم كوردستان واقعاً مريراً بسبب تشرد المئات من القرى الحدودية وفقدان المنطقة الآمنة في العراق المتمثلة باقليم كوردستان ميزتها الأساسية ما يترك أثرا على الأمن والاستقرار والحرب الدولية الجارية ضد الارهاب في المنطقة.

– نظرة مستقبلية:

الحرب التركية ضد حزب العمال تمتلك من ناحية جذوراً ثقافية وسياسية تتعلق بالمطالب الديمقراطية لكورد تركيا، لكن بعد استلام حزب العدالة والتنمية زمام الأمور (2001) وتحديداً بعد 2005 خطت أنقرة خطوات ملموسة لحل القضية الكوردية في تركيا قبل أن تتراجع عنها، ما تسببت بتراجع حدة الحرب الكوردية التركية. ومن ناحية اخرى، يجدر بان تكون الساحة الرئيسية لهذا الصراع هي كوردستان توركيا وداخل تركيا نفسها، وينبغي ان لا يصبح اقليم كوردستان وسكانه ضحية لهذا الصراع.

وبالنظر إلى آفاق الحرب بين حزب العمال وتركيا على أراضي إقليم كوردستان يمكن استشراف السيناريوهات التالية:

الأول: اتساع رقعة المعارك التي شهدت 40 هجوماً حادا و حسمها عسكرياً، في هذه الحالة يدفع اقليم كوردستان ثمناً كبيرا وسيكون المتضرر الأكبر لعدم قدرته على الوقوف بوجه أي من الجانبين المتحاربين.

الثاني: انتصار تركيا في احتلال المنطقة وانشاء حزام أمني بعمق 20 – 40، وهذا المشهد هو الخيار الأرجح، على الرغم من وجود مشاكل لقواتها بسبب طبيعة المناطق الجبلية، ولكن من غير المستبعد تحقيق هذا المشهد في ظل توفر بيئة محلية وعراقية واقليمية مناسبة له. إلا ان هذا السيناريو يواجه تحديات رئيسية، أولها تتمثل في الاعتراض الداخلي والخارجي، وثانيها هي عدم قدرة تركيا في الاستمرار على البقاء في اقليم كوردستان بسبب تزايد التكاليف المالية واللوجستية، أما ثالثها فتتمثل في عدم توفر ساحات جديدة للحروب والصراعات بين تركيا وحزب العمال خارج اقليم كوردستان. بالإضافة الى طوبوغرافية المنطقة ولا سيما مع حلول فصل الشتاء الذي من شأنه أن يصعب كثيرا فرصة إحتلال المنطقة.

الثالث: عودة الجانبين المتحاربين إلى طاولة الحوار والهدنة، سواء كانت بشكل مباشر أو غير مباشر كما حدثت في عهدي أوزال وأرودغان أيضاً، لكن التحالف القائم بين العدالة والتنمية والحزب القومي التركي المتشدد (MHP) يقف عائقاً أمام تحقيق هذا الهدف، إلا أن تغيير التحالفات أو وصول الأحزاب المعارضة الى السلطة، وهذا أمر وارد في ظل احتمال تقدم حزب الشعب الجمهوري (CHP) في المستقبل القريب.

الرابع: بناء حزام أمني بمساعدة الجانب العراقي وقوات التحالف الدولي ويحقق هذا غرضاً مهما لأنقرة يتمثل في الضغط على سلطات اقليم كوردستان وتحجيم سلطاتها.

وفي ظل عجز اقليم كوردستان عن التصدي لأنقرة وحزب العمال في وقت واحد، فإن أحد الخيارات المطروحة يتمثل في نشر قوات عراقية أو دولية لحفظ الحدود مثلما يحدث في أدلب وشمال شرق سوريا بشكل متقطع، لكن من غير المحتمل أن يعيد هذه الخطوة الاستقرار والأمن لتركيا ويواجه هذا رفضاً عراقياً وتعقيدات في العلاقات الإقليمية  و مشاكل لوجستية من قبل القوات العراقية وانشغالها بمعارك الإرهاب، ومن غير المستبعد أن تسمح القوى المتحالفة والإقليمية لمنح مزيد من الدور للقوات الاتحادية العراقية في المناطق الحدودية من أجل إضعاف اقليم كوردستان.

المحور الثاني: العراق واقليم كوردستان في مسودة اتفاقية الـ25 عاما بين إيران والصين

 

 

يبدو أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية وجمهورية الصين الشعبية تنشغلان بالاستعداد لإبرام اتفاقية طويلة الأمد (25 عاماً) من أجل تنظيم علاقاتهما السياسية والعسكرية والاقتصادية والتقنية تتضمن ربط البلدين عبر طريق رئيسي يربطهما  بدول جوار إيران.

هذا الاتفاق المزمع توقيعه يتضمن نقاطاً حساسة تتعلق بإقليم كوردستان والعراق أيضاً ولا سيما فيما يتعلق بالطريق الرئيسي الذي يمر بأراضي إيران.

– تاريخ ومضمون ومستقبل الاتفاقية:

الاتفاقية تحمل اسم “برنامج التعاون الشامل بين إيران والصين لـ 25 عاما” بحسب التسريبات، وقدمت المسودة النهائية للاتفاقية من قبل الأمانة العامة العليا للتنسيق المشترك الشامل الاستراتيجي بين إيران والصين” عام 2020، النسخة الفارسية للاتفاقية متداولة على نطاق واسع ومن المقرر تقديمها للبرلمان في البلدين من أجل المصادقة عليها وإلى ذلك الحين تبقى مسودة لا غير.

وتتكون الاتفاقية من 18 صفحة: مقدمة، (9) بنود، وثلاثة ملاحق، وتتضمن الأهداف السياسية للبلدين مع قضايا، فتح الطريق التجاري، فتح الطريق الإقليمي الدولي، تطوير التجارة، مد سكك الحديد في المنطقة، تطوير وتنمية الطاقة في المنطقة، مع التنمية العسكرية والأمنية المشتركة بين الجانبين إضافة إلى الاستثمار الصيني في خمس موانئ إيرانية.

یعود تاریخ الاتفاقیە الی زیارە الرئیس الصینی لإیران قبل 5 اعوام (2016)، كما تظهر من المقدمة. وتتضمن المجالات الاقتصادية والسياسية والثقافية والأمنية، وحددت الآليات العامة والآليات الجزئية لهذه المجالات.

ورغم ضبابية جوانب عديدة من الاتفاقية وموعد المصادقة عليها، إلا أن مسؤولين إيرانيين أمثال وزير الخارجية جواد ظريف ومساعد الرئيس الإيراني اسحاق جهانغيري يظهرون كعراب للاتفاقية وسط معارضة شديدة من الأوساط المحافظة ومن الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد وعدد كبير من المسؤولين الإيرانيين. ووصفت المعارضة الإيرانية في الخارج والداعين لعودة الملكية (معكسر الشاه السابق) الاتفاقية كصفقة لبيع إيران ونظموا حملات منسقة لرفضها ويصفونها بـطوق نجاة للنظام الإيراني الحاكم حالياً. ومن الناحية القانونية فإن مستقبل الاتفاقية في الأخير مرهون بعنصرين:

أولا: جمهورية الصين الشعبية، يبدو أنها لن تضحي بجميع مصالحها مع دول الخليج والعراق من أجل اتفاقية لا تتجاوز قيمة التبادل فيها 400 مليار دولار. كما صوتت الصين على العقوبات المفروضة على إيران رغم علاقة التقارب بينهما وباعت بكين شحنات كبيرة من الأسلحة للنظام العراقي على غرار طهران في سنوات الحرب الثماني سنوات في 1980-1988. و أبرمت الصين اتفاقيات استراتيجية خلال أعوام 1997 و 2007 و 2015 و 2018، لكن الاتفاقيات لم تر النور بسبب أوضاع استراتيجية طارئة.

ثانيا: إيران، ومن البديهي أن القرار الإيراني بيد مرشد الثورة حصراً ولا سيما في الأمور بعيدة المدى وفي حال مباركته للأمر فإن البرلمان المحافظ حاليا يمرره بسهولة رغم الاعتراضات الشعبية والسياسية.

وتكررت طهران التجربة العراقية ذاتها في 1997 _ 1998 حينما كان يواجه حصاراً دولياً لجأ من خلاله لعقد اتفاقية مع الصين من أجل الخروج من العزلة لكن الاتفاقية لم تسعف بغداد حينما واجه السقوط عام 2003 دون أن تتحرك بكين بقوة لنجدة حليفه الاقتصادي، لذلك فإن الاتفاقية تواجه احتمالات النجاح والفشل في الوقت نفسه وترتبط بمستجدات الموقف الأميركي من إيران ونتائج الانتخابات الرئاسية في واشنطن.

– المجالات الحساسة المتعلقة بالعراق والاقليم:

في حال نجاح الاتفاقية الإيرانية الصينية طويلة المدى، فإنها تترك أثراً مباشراً وغير مباشر على العراق بصورة عامة وكذلك اقليم كوردستان كجزء من الدولة العراقية الجارة لإيران والمرتبطة بها من نواحي سياسية وتجارية واجتماعية ومذهبية. يمتلك العراق 1458 كم من الحدود المشتركة مع إيران مقارنة بباقي دول الجوار وتتضمن هذه الحدود الطويلة المحافظات الأربع في اقليم كوردستان وأربع محافظات كوردية أيضاً من الجانب الإيراني. وتشكل الجانبان عمقاً للآخر من الناحية الجيو أيكونوموية وتنظر طهران إلى العراق بعد 2003 كجزء مكمل لمشاريعها.

وفی سبیل فهم آثار الاتفاقية على كل من العراق و اقليم كوردستان، نحاول أن نشرح منها الفقرات المتعلقة بالعراق والاقليم والحزمة المتعلقة بالجانب الكوردي بالتحديد:

ورد ذكر العراق في الاتفاقية (6) مرات وفي (9) مواد منها ورد ذكر “الدولة الثالثة” أو دول الإقليم وهذه تشمل العراق واقليم كوردستان بالتأكيد.

1- من الناحية السياسية:

يظهر من البند الأول أن الدولتان تمارسان استراتيجية “الفائز _ الفائز” في المنطقة وعلى الصعيد الدولي، وتطرقت البند الثاني إلى التعاون العسكري والدفاعي وتوحيد المواقف السياسية على مستوى المنطقة (الفقرة 1) وملحق رقم (1).

ومن المؤكد أن التحالفات السياسية والعسكرية في المنطقة تترك أثراً على العراق والاقليم، تتحدث الاتفاقية بشكل مباشر عن المنظمات الإرهابية المعادية، ويشمل هذا التعريف في القاموس الإيراني الرسمي جميع القوى المعارضة لطهران من القوى الإيرانية المختلفة إثنيا والكوردية على وجه الخصوص (البند 4).

ويتعلق بند آخر بالعمل المشترك للبلدين في دول الجوار بشكل يشمل تشغيل برامج مشتركة ومشاريع في البلدين.

2- من الناحية التجارية والطاقة:

أصبحت الأراضي العراقية واراضي اقليم كوردستان ساحة لتطبيق عدد من البنود الإيرانية منها: نقل الطاقة من العراق، الاستثمار في مشاريع الكهرباء في العراق (ورت ذكر كل من سوريا وباكستان وأفغانستان وسوريا في الفقرة للغرض نفسه). (الملحق٢/فقرة ب/١و٢) وكذلك تم تبني مشروع مد خطوط سكة حديد ذات طابع ديني ومذهبي بين باكستان – إيران – العراق ـ سوريا، شرط أن يتحول لممر تجاري فيما بعد (ملحق٢/فقرة ب/١)، بالإضافة إلى إنشاء مشاريع التنمية في دول المنطقة (ملحق٢/فقرة ها/٦) وتقوية المنظمات والمؤسسات الدولية في المنطقة (ملحق٢/ز/٢).

وتشكل مدن كرمانشاه والسليمانية وكركوك وخانقين والمناطق ذات الأغلبية الكوردية في خانقين جزءاً من الممر التجاري لزوار الشيعة وأعطت طهران أهمية للإقليم في ملف نقل الطاقة ايضاً.

وبشأن علاقة مد سكة الحديد بكوردستان فإن الإقليم  يقع في عمق مقترحات إيرانية لمد خط الحديد يمر بعض من تلك الخطوط بالسليمانية، خانقين، كرمانشاه، ورمي، مثل الخط الناقل المقترح كرمانشاه، خوسروي، خانقين، بغداد. وشدد الرئيس الإيراني على اقتراح خط حديد يربط بين كوردستان الإيرانية وباشماخ وصولاً إلى السليمانية وطلب محافظ كوردستان (سنندج) من غرفة تجارة حلبجة وشركة قيوان الشروع في تنفيذ المشروع من الجانب العراقي.

وبشأن جنوب العراق فإن مشروع خط حديد خرمشهر ـ بصرة مطروح بقوة وورد ذكره في الاتفاقية الإيرانية تشمل أفغانستان وباكستان وسوريا أيضاً.

وفي ختام الاتفاقية تطرق الجانبان الصيني والإيراني لإنشاء منطقة اقتصادية حرة والمشاريع المشتركة بين الجانبين في الدولة الثالثة مثل العراق (ملحق٣/ فقرة أ/ ٦) وتم التأكيد على قدرات دول الجوار في مجال الجيو إيكونومي ويقع العراق في قلب تلك الدول. ( ملحق٣/فقرة ب)

وبشكل مختصر فإن إنشاء الطريق التجاري وخط سكك الحديد لدولة الصين جزء من استراتيجية “الحزام والطريق One Belt, One Road”، وتشكل الاتفاقية ورقة ضغط للجانب الإيراني أمام أميركا وتساعدها في تنفيذ سياساتها والوصول إلى أهدافها في حال دخولها حيز التنفيذ.

ڕانانى-ئایندەیی-ژمارە-6- 2020کوردى

قراءات-مستقبلية-رقم -6- 2020 عربى

Send this to a friend